بدأ المشاركون في ندوة مستجدات الفكر الاسلامي الحادية عشرة فعالياتهم صباح اول من امس عقب جلسة الافتتاح التي شهدت حضورا كثيفا بحضور وزراء الاوقاف من مصر والمغرب وموريتانيا ووزير الاوقاف بالانابة وزير النفط هاني حسين، وقد تحدث في الجلسة الأولى للمؤتمر وكيل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية د. عادل عبدالله الفلاح عن تاريخية المؤتمر مبينا ان هذا النوع من الفقه امتد في حياتنا واستبحر كثيراً وبلغ الفقهاء في تفريع مسائله وتشقيق فروعه مبلغاً كبيراً حفلت به مكتباتنا العلمية مخطوطاً ومطبوعاً، لا سيما بعد الانفتاح المعلوماتي، وهذا شيء جيد ومقدر غير أن الفقه الشرعي المجرد لن يكون كافياً وحده لمسايرة مستجدات البيئة الإنسانية وسيبقى محنطاً ومحاصراً ومثالياً وغير واقعي إذا لم يترافق مع فقه الواقع أو المحل ومناطات التطبيق في الوقت نفسه وصدق الغزالي رحمه الله حينما اعتبر تحقيق المناط تسعة أعشار العلم وجعله ضرورة كل شريعة. وأوضح ان هذه المفارقة هي أساس الخلل في مسيرتنا الحضارية، وهي النمو والثراء في فقه الحكم والضمور والانحسار في فقه الواقع، وتلكم هي الإشكالية التي تركت فراغاً اجتهادياً خطيرا استغله حدثاء أسنان وفتية صغار فغدوا يحققون مناط أحكام القضايا العامة للأمة كما حدث من قبل ويحدث الآن فجِروا على الأمة ويلات لا قِبل لها بها وأوقعوها في تعجلات واستباحات للدماء المعصومة بل والأعراض أحياناً، كل ذلك جهلاً بشرائط الاجتهاد وتحقيق المناط.
وأردف قائلاً :لقد عقدنا العزم مع العلامة الشيخ عبدالله بن بيه على تحويل هذا الهم الفكري إلى مشروع حضاري تجديدي للأمة نبدأ به مسيرة تقعيد لفقه تم تجاهل تأطيره تحت ضغوط وأسباب كثيرة موضحا إنه مشروع له قواعد وأسس يبحث من خلالها في الأشياء المحكوم فيها على حقيقتها ومعرفة الواقع ومكوناته، والأشياء وأوصافها، والأفعال وأسبابها وآثارها، ونقل ما هو نظري إلى الواقع مضيفاً لقد وضعتُ كل ما استطيع فعله رهن هذا المشروع الواعد.
وأوضح الفلاح أنه على أتم الاستعداد لتقديم أي جهد مادي أو معنوي يساهم في نهضة امتنا الإسلامية .
ومن جهته تحدث نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد عبدالله بن بيه ضمن الورقة التأطيرية للمؤتمر حول بيان الواقع والتوقع متسائلاً لماذا نهتم بالواقع؟ موضحاً انه للاجابة نقدم نصين فيهما حث على التعرف على الواقع وتأكيد بناء الأحكام عليه، قال ابن القيم: ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق الا بنوعين من الفهم : احداهما فهم الواقع والفقه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والامارات والعلامات حتى يحيط به علماً، والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع.
وفي الفترة المسائية من الجلسة الثانية في المؤتمر قال د. بشير بن مولود جحيش في البحث الذي قدمه وحمل عنوان « فقه التنزيل وعلاقته ببعض المصطلحات: لقد جاءت الشريعة الإسلامية هادية الخلق إلى تحقيق مصالحهم ودفع المفاسد عنهم، وذلك من خلال الأحكام التشريعية الربانية الكفيلة بذلك. والتي تتطلب من أجل تحقيق ذلك فهما سليما، واستنباطا قويما، وتنزيلا حكيما. وذلك بغية تحقيق التعامل الأمثل مع المتطلبات المتغيرة للأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال والأوضاع، وتحقيق الشهود الحضاري الفعال على الساحة الإنسانية العالمية، ليس حضورا على استحياء، بل حضورا قويا على مستوى التشريع والتوجيه والقيادة والريادة.
ومن جهته، قال د.نجم الدين الزنكي إن فقه التوقع إذا انصرف إلى الفقه الجزئي (الفقه الخاص) اختلف اعتباره، وتباين النظرُ فيه.
التاريخ :20/02/2013
الجريدة : النهار
العدد : 1787